المنافقون (١)

د. فايز الربيع تعود كلمة النفاق لغة الى كلمة النفق وهي السرب في الأرض وقد سمّي المنافق أصلاً بذلك لأنه يستر كفره كالذي يدخل في النفق ويستتر فيه، وقيل ان اصلها من نافقاء اليربوع وذلك ان اليربوع إذا أراد أن يخرج من الأرض حفر حفرة حتى إذا وصل إلى ظاهر الأرض ترك قbشرة خفيفة ليخفى تلك الحفرة فإذا ارابه شيء دفع تلك القشرة وخرج من الحفرة، أما في الاصطلاح فيدل على مخالفة الظاهر للباطن، وهو من المصطلحات التي لم تعرف عند العرب قديماً (لاحظ إنها ليست من أخلاق العرب) والنفاق أنواع منه الاعتقادي ومنه العملي، وهم يسخرون من المؤمنين ويدعوّن الإصلاح رغم فسادهم (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون) وفرعون قال عن موسى (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) يعني أن فرعون صالح وموسى جاء ليفسد، هم مخادعون (يخدعون الله والذين آمنوا ولا يخدعون إلا أنفسهم) وقلوبهم مريضة (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً) وهم كذابون (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اللّه والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)، وأيضاً الخوف من الفضيحة (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم) وأيضاً الاستكبار والتكاسل عن اداء العبادات (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) وعدم الاستقرار في المواقف (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) يأمرون بالمنكر (يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) والحلف الكذب (يحلفون بالله ما قالوا) ويحاولون قطع الموارد المالية عن المسلمين (هم الذين يقولون لا تنفقوا على ما عند رسول الله حتى ينفضوا)..

هم في الدرك الاسفل من النار من صفاتهم أيضاً (انه اذا حدث كذب، وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان) لقد ورد مصطلح النفاق في القرآن الكريم ستاً وثلاثين مرة ولن نستطيع سردها من اجل محددات المقال ولكننا نقول وفي هذه الايام التى نشهد فيها (إذا حدثّ كذب) ونشهد فيها (يحلفون بالله) ونشهد فيها التذبذب، نشهد فيها حديثاً في غيبة الناس وبخاصة من تسلّم المسؤولية فإذا دخل علينا كرمنّاه وقدمناه ومادام الامر كذلك وهو يعلم حقيقة نفسه نصبح نحن المنافقين، هناك فرق بين المجاملة والنفاق وبين حدود الادب في الكلام وبين النصيحة الصادقة نقول لكل من تصدر مرحلة ما، انّك الافضل والأنسب والأحسن وستأتي بما لم يأت به الاوائل وما ان يزاح عن المشهد ويأتي غيره نقول نفس الصفات. نحن الآن في زمن الانتخابات والدعاية الانتخابية نحن نعرف بعضنا جيداً، تاريخاً وفكرا وسلوكاً وماذا سنفعل وواجبنا ان نعرّف الناس الذين لا يعرفون وهم القلة، إننا إن كررنّا نفس التجارب فنحن المنافقون والفاسدون.